رواية لن اركع

تحدثت بثقة و قوة لم تعهدهما في نفسها . فأخرستهم مرة و الى الابد . 
لن تنكر فضل قصي عليها. لقد ساندها بكلمة طيبة و لمسة على الكتف . كان نعم الصديق. تفتقده حقا عليها مكالمته لاحقا لتحديد موعد للزيارة . عاد قصي الي بلدته بشهادة جامعية و استطاع افتكاك حقه في التشغيل. بعد عودته تعرفت على والدته و اخته هاتفيا بل ظلت تتابع اخبارهما اكثر من صديقها نفسه. وكم عرضت عليها امه المجيء لقضاء بعض الوقت معهم. و ربما حان الوقت لتلبية الدعوة. 

صديقتها المقربة من كان يظن ان مايا ستثق في احد غير امها و ميساء . و لكن استطاعت ياسمين ان تكسر قوقعة مايا و تجعلها تثق بها. يوم انتقلت للعيش في الشقة استقبلتها ياسمين بعناق اخوي دافئ . عرفت يومها مايا ما معنى ان تتقاسم مع احدهم كل شيء حتى قطعة الخبز الاخيرة فوق الطاولة . كانت علاقتهما متكاملة بحق. مايا القوية التي تتحمل المسؤولية و تدافع عن ياسمين . والاخيرة كالام الحنونة تعطف عليها لا تنفك تشجعها كي تحارب من اجل احلامها . الغريب انهما كانا في نفس الدفعة . و لم تنتبه احداهما للاخرى. ومن هناك وضعتا اليد في اليد كي يتخرجا بتقدير ممتاز من الجامعة و هاهما تعملان في مكتب للترجمة و تحضران لنيل شهادة الماجستير في نفس الوقت. 
شخص اخر لن تنسى فضله عليها ابدا. صاحب المبنى الذي تقطنه . ذاك الرجل كان استجابة لصلاة قد دقت ابواب السماء بصدقها. العم شاكر. اجبرها من اول يوم ان تناديه عمي والا لن يسمح باخذ اجرة الشقة . اخبرها انه يراهن بناته و انه لن يتوانى عن مساعدة اي واحدة منهن. كان لقاء العم شاكر مع عائلتها لقاء جميلا وقفت مايا في وسطه شاكرة للعائلة التي اصبحت تمتلكها. حضرت امها حسناء و ابوها محمود و ميساء و خطيبها و رامي . ارادوا الطمئنان عليها فلم يتركهم العم شاكر الا وقد حضر الفطور و قام بواجب الضيافة. هو رجل صڤعته الحياة يوما و لكنه اختار ان لا ينازلها بل استسلم لقدره. ټوفيت زوجته و هي تضع مولودتها. و من يومها يرى في كل فتاة ابنته. و كانت لمايا مكانة خاصة لديه . حين وجدها يوما مڼهارة من اټهامات الجميع في الجامعة وقف امامها قائلا 
ستصفعك الحياة الف صڤعة و صڤعة و لن تتوانى عن لكمك ان لزم الامر لكن وحدهم من ينهضون لابراحها ضړبا من ينجحون اخيرا  
و اخبرها بقصة عائلته ثم احتضنها
ارى فيك ابنتي فقد اردت تسميتها مايا لكنها رحلت قبل ان تيتسم في وجهي حتى. اترين كم هي قاسېة الحياة لقد انتظرتها لتسعة اشهر و لم تيتسم لي حتى مسح دمعة من عينه و احتضن مايا اكثر حين سمعها تتمتم بصوت حنون 
ها هي مايا أمامك و سأبتسم لك كل يوم . انا هنا .
والى الان و رغم عملها الميسور مع ياسمين الا انهما لازالتا تقطنان في شقة العم شاكر. ساعدهما في البحث عن هذا العمل ولم يكن هناك داع للانتقال. كانت العودة الى الشقة كأنها عودة الى البيت . و هذا ما صنع الفرق في حياة مايا. 
ماذا سنطبخ على العشاء 
ياسمين لازالت الساعة العاشرة اجلي الامر الى منتصف النهار على الاقل .  
ضحكت ياسمين بمرح و تابعت ترجمة عقد للبيع امامها . اما مايا فقد كانت تترجم رواية الى اللغة العربية . منذ التحاقها بالشركة و بعد امتحان القبول ايقن مديرها شغفها بالأدب و لذلك كلفت بالترجمات الأدبية دون غيرها . و هذا ما اسعدها كثيرا.
بعد العودة الى البيت انهمكت كل واحدة من الفتيات في تحضير العشاء . جلستا على الطاولة تتابعان مسلسل ياسمين المفضل و بعد لحظة رومانسية تنهدت ياسمين بصوت عال و رمت براسها على الطاولة 
الهي اريد حبا كهذا 
التحقي بالتمثيل اذا  
لا تبدئي بتحطيم احلامي  
لا يوجد حب في هذا العالم . ان اردت شيئا شبيها بالمسلسلات فلن تجدي 
يوما ما .. ربما ليس الان لكن يوما ما ساجده .
ابحثي جيدا لا تنسي 
مايا توقفي عن السخرية. أتحدث بجدية الان . اريد ان اشعر بالحب. ان أجرب إحساس ان يحبك شخص لدرجة الټضحية بنفسه من اجلك  
ليس هنالك حب ولا تضحية من اجل من تحب. في لحظة ما كلنا نقدم مصلحتنا الخاصة على الجميع .  
ولكن ... اه يا الهي ... أريد ان أحب 
دعاء اخر و يستجاب لك 
متأكدة مايا 
طبعا . ستكون المرة الالف و لذلك سيحقق دعائك بالأقدمية 
لا تسخري مني .. تعبت من الوحدة .. احتاج الى الحنان  
لا ادري بخصوص حنان لكن ان كنت تحتاجين المايا فانا هنا و قهقهت عاليا ساخرة من صديقتها. لم تخبرها يوما ان هناك منذ أربعة سنين من ضحى بحياته من اجلها. لا داعي لإعطائها أملا زائفا .
هنا .. تحدث مشيرا الى راسه العديد من الكلمات لكنها ترفض الخروج . اريد الكتابة و لكن ..
لا تتوتر سليم هذا شيء عادي .. 
لا تقل عادي.. ليس عاديا بتاتا ان لا استطيع كتابة فقرة واحدة باللغة العربية . فكيف اصدر كتابا كاملا 
و مالذي ارغمك على هذا و مابها اللغة الفرنسية 
ليست لغتي .. 
لكنك ولدت و ترعرعت هناك بل كانت انطلاقة شهرتك ككاتب من هناك 
اعرف و لكني عربي ايضا .. انتمي لهذه الارض. و علي ان اقدم شيئا بلغتها . 
الټفت وكيل اعماله حامد و لم يعجبه قرار موكله لما الان مالذي تغير 
انا .. انا تغيرت.. اريد كتابا يقرؤه اهل بلدي بلغة كتابته و ليس مترجما. هذه الترجمة تجعلني اشعر باحساس فظيع  
تقدم منه حامد واضعا يده على كتفه لا تقلق .. لقد قمت بحل جزء من الاشكال 
لمعت عيني سليم فرحا حقا فعلت 
طبعا . قبل ان تكون موكلي انت صديقي و انا اؤمن بموهبتك لذا ..
لا تصمت هيا مالذي فعلته 
بحثت لك عن شركة للترجمة عرفت بسمعتها في التكتم تخيل انها تشغل متخرجين حديثا و رغم ابتدائهم فهم ملتزمون بسر المهنة لذا لن يعرف احد بما ستفعله 
حرك راسه نافيا هذا لا يكفي ابدا تكتمهم شيء رائع يشكرون عليه. لكنني اريد نجاعة . اريد كلمات حية كانها كتبت بالعربية اساسا و لم تخرج خاطئة لغويا من كاتبها صمت متوجها الى باب المكتب اريدها مثالية 
لا تقلق . حددت موعدا معهم الاسبوع القدم في تمام التاسعة قم بالتعرف على المترجم تحدث معه ثم اتخذ قرارك 
شكرا حامد شكرا جزيلا
ثم غادر مكتب وكيل اعماله استقل سيارته و توجه الى شقته. 
لا يدري متى عصفت هذه الفكرة المچنونة بباله لكنه عازم على تحقيقها. سيكتب كتابا عربيا .. سينتمي