الدهاشنة
على كتفيه بابتسامة صغيرة
على أيه يا عم فضل خد بالك انت بس
من نفسك ولو إحتاجت أي حاجة كلمني من غير ما تتردد..
ثم جذب قميصه ليشير للرجل الغامض
سلام يا ريس شكلك عندك دور برد صعب في الحنجرة أبقى عالجه يا عمفضل..
تعالت ضحكات العجوز ليجيبه بصعوبة
حاضر يا ولدي..
وصل للسيارة فهبط احمد مسرعا ليشير له پصدمة
أنت فاكر نفسك في إنجلترا ألبس بسرعة قبل ما ېقتلونا..
ارتدى آسر قميصه ثم تحرك تجاه الباب الايسر من السيارة ليردد بخبث
ما تنشف يا عم حد يقدر يبصلنا بس!..
تحرك أحمد بالسيارة ليسأله باهتمام
عامل أيه عم فضل
أغلق عينيه ثم استرخى على المقعد ليضع القبعة على رأسه
فعاد أحمد ليسأله مجددا فقال بخفوت
رجله مکسورة وجايب ابنه يساعده وهو أصلا شكله مالوش لا في الطور ولا في الطحين..
رفع حاجبيه بتعجب
ابنه! .. عم فضل معندوش غير بنت وحيدة بتدرس بالقاهرة..
أزاح آسر القبعة عن وجهه ليردد باستغراب
أمال مين ده..
معرفش جايز مأجر حد..
نفى آسر ذاك الإقتراح
لأ.. معتقدش حالته المادية متسمحش بكده..
قال أحمد
جايز حد من قرايبه لان زي ما قولتلك معندوش غير بنت واحدة بتدرس بالقاهرة بنفس
جامعة حور بنت عمك سليم..
عاد ليتمدد على المقعد من جديد ثم وضع القبعة لينعم ببعض الراحة..
بأرض العمفضل..
إحتدت نظارتها المتخفية من حول قناعها الخفي فما أن تأكدت من ابتعاده حتى رددت پغضب
ماله ده كمان شايف نفسه على خلق الله..
أجابها العمفضل ببسمته البشوشة
مالكيش حق يا بتي.. ده البشمهندس آسر أطيب خلق الله..
قالت
________________________________________
بتأفف
مهو واضح ده خاېف من مامته!.. هو ده كبير عيلة الدهاشنة اللي هيكون بعد أبوه!
بملامح جادة للغاية أجابها
أنتي متعرفهوش زين يا بتي البشمهندس آسر غريب عن ولاد عمامه بيحب خلطة الناس بالصعيد لكن وقت الجد يبيقى غول عيلة الدهاشنة الكل إهنه بيعمله الف حساب ومحدش يقدر يعيب فيه زي ما أنتي بتعملي كده خلينا في حالنا يا بتي..
وتحامل على ذاته ليصعد على العربة ثم أشار لها بالصعود
يلا نروح قبل ما الظهر يأذن..
ظلت محلها شاردة الذهن تتطلع على الطريق الذي سلكه بالعودة بشرود ظنها الشخص الغامض ورأته هو ماكر وخبيث نعم لم يكن أمامها خيار أخر حينما مرض ابيها فارادت أن تساعده بعمله الشاق حتى لا يكون بمفرده من البداية وهي تناضل الأفكار اللعېنة التي تنصف المرأة بأنها ضعيفة وغير قادرة على ممارسة عمل الرجل فاردت أن تكد عملا بالأرض علها تثبت لذاتها بأنها قادرة على ذلك انتبهت لصوت والدها حينما نادها مجددا
تسنيم!
التفتت تجاهه ثم صعدت لجواره وهي تردد بضيق شديد
بعدهالك يابوي مش قولتلك متنادنيش باسمي..
رد عليها بابتسامة واسعة
حاضر يا ولدي كده زين
ابتسمت وهي تجيبه بحب
زين..
بالقاهرة وبالأخص بالعمارة التابعة لأبناء عائلة فهد كان الطابق الأرضي فارغ يشغله مساحة كبيرة من الحشائش الصناعية وعدد لا بأس به من الطاولات البلاستكية أما الطابق الثاني فكان يحوي شقتين كبيرتين للغاية بابهما مقابل بعضهم البعض احدهما تخص الفتيات والأخرى تخص الشباب لمتابعة الأعمال المشيدة بالقاهرة أما الفتيات لمتابعة الدراسة والجامعة يعلوه الطابق الثالث الذي يخص ماسة بشكل كبير لأنها بالنهاية امرأة متزوجة..
بالشقة الخاصة بالفتيات..
انتهت حور من أداء فريضتها ثم رفعت يدها البيضاء لتدعو الله بتحقق أمانيها ومن ثم نهضت لتطوي سجادة الصلاة لتضعها برفق على مسند المقعد ثم جذبت خمارها الطويل ليتدلل خصلات شعرها القصير ذو اللون الأسود المميز فحانت منها نظرة جانبيه تجاه طاولة الطعام التي اعددتها لابنة عمها لتردد بسئم
مفيش فايدة فيك..
ومن ثم اتجهت لغرفتها لتزيح الغطاء السميك عنها وهي تصرخ بانفعال
يا خم النوم الجامعة هتفوتك!..
فردت روجينا ذراعيها بالهواء وهي تحيبها بدلال
سبيني الله يكرمك يا حور هو أنا أسيب بابا بالبلد ألقيكي هنا..
ثم جذبت الأغطية مجددا وهي تشير لها
خمسة كمان وتعالي صحيني..
رمقتها بنظرة مغتاظة وهي تضيف
بقالك ساعة بتقولي كده ولما بجي بتكون مش أخر مرة..
ثم أضافت بمكر
أنتي هتقومي بالذوق ولا أنادي آسر يشوفله حل..
انتفضت من على الفراش بفزع
أوعي والله أزعلك..
ضحكت وهي تشير لها ساخرة
كده مش هتنامي تاني غيري هدومك وتعالي افطري الأكل برد من زمان..
زمت شفتيها بغيظ
في قفاكي.. هتلاقيني في قفاكي..
وما أن تأكدت بخروجها حتى جذبت الغطاء مجددا وهي تهمس بسخط
عيلة هم..
أتاها صوتها المنادي بحزم
روجينا!..
نهضت سريعا فتعثرت أرضا لتتعالى ضحكات حور بتسلية..
ركضت خلفه مسرعة لتتفادي تلك المزهرية التي كادت بأن تحتضن الأرض باشلائها شعرها الطويل يترنح من خلفها بخفة ودلال نجحت أخيرا بالوصول إليه فقبضت على راسخه ثم لوت ذراعيه لتنتشل اللعبة الصغيرة من يديه بكى طارق البالغ من العمر اثنا عشر عاما فصاح بها پغضب شديد
أنتي كل لعبة تاخديها مني بالعافية أنتي بجد بقيتي وحشة أوي!
هزت ماسة رأسها بطفولية وهي تجيبه
ماسة مش وحشة طارق هو اللي وحش عشان مش بيرضى يلعب ماسة معاه..
دفعها بعيدا عنه بكره
مش هلعبك معايا لاني مبحبكيش..
لمعت الدموع بعينيها فقالت بطفولية
والله لأقول ليحيى يضربك عشان أنت بټضرب ماسة..
في أيه....
سؤال متلهف سأله ذو العين السوداء بعدما أسرع بالوقوف أمامهما فأشارت ماسةبيدها پبكاء
طارق ببضرب ماسة..
وتركتهما وركضت للأعلى سريعا حتى ولجت
لغرفة يحيى أما بالأسفل انحنى بدر ليكون مقابله فمرر يديه على شعره بحنان
مش احنا اتكلمنا أكتر من مرة يا طارق في الموضوع ده!..
أجابه الصغير پبكاء
هي اللي بتاخد كل لعبي يا بدر ويعدين هي المفروض كبيرة ومش طفلة ليه بتعمل كده..
ارتسم الحزن على تعابير وجهه ومع ذلك حافظ على ابتسامته
مش أحنا قولنلك أكتر من مرة يا طارق أن ماسة تعبانة ولازم ناخدها على قد عقلها هي بقت دلوقتي طفلة في سنك ومش فاكرة حاجة عن سنها وهي كبيرة دلوقتي يحيى أخوك هيزعل منك..
حدجه بنظرة مغتاظة قبل أن يقول
يطلقها ويتجوز واحدة كبيرة..
بلهجة صارمة صاح
عيب يا طارق الكلام ده ماسة مهما كان تبقى بنت خالك عمر ومرات أخوك الكبير..
احنى رأسه بالأرض حرجا فاحتضنه بدر بحنان..
أما بالأعلى..
إنتهى من ارتداء بذلته السوداء الأنيقة ثم نثر البرفنيوم الخاص به ليتأكد بذاته من تصفيف خصلات شعره الأسود الطويل بانتظام عينيه الرمادية يحتلها قوقع غائم من الحزن بشرته الداكنة تمنحه وسامة طاغية انتهى من عقد جرفاته الخاص ثم انحنى ليعقد رباط حذائه فتفاجئ بزوجته تدلف للغرفة باكية نهض ليدنو منها سريعا ثم تساءل بقلق
في أيه يا حبيبتي..
فركت عينيها پبكاء وهي تشير له على الباب قائلة
طارق ضړب ماسة..
سكن الڠضب ملامحه فكادت عينيه بالانخراط بموجة عاصفة يحاول قدر الامكان أن يجعل أخيه ومن حوله يستعب الحاډث المؤلم الذي أصاب معشوقة دربه ليحولها من مرأة كاملة الانوثة لفتاة لا يتعدى عمرها الحادية عشر عاما ورغم ۏجع قلبه لتلك الذكرى القاټلة الا انه يجاهد ليكن جوارها رفع يحيى أصابعه ليزيح دمعاتها ثم حضنها برفق
متزعليش يا روح قلبي أنا هنزل حالا أطلع عينه وأقوله ميرفعش أيده على ماسة تاني..
تحول بكائها لضحكة مشرقة فجذبت يديه وهي تردد بسعادة
يلا نضرب طارق..
ابتسم وهو يتأمل ضحكتها التي أنعشت قلبه فجذب حقيبته السوداء من على سطح مكتبه
يلا يا ستي..
وهبط معها للأسفل فما أن رأه طارقحتى تخبئ خلف بدر پخوف فأشار له بدر سريعا
مفيش داعي تزعقله يا يحيى أنا خلاص فهمته غلطه..
سحبت ماسة جاكيت يحيى قائلة
طارق بيقول مش هيلعب ماسة معاه تاني أضربه يا يحيى..
اكتاظ غيظ الصغير فقال پعنف
مش هلعبك عشان انتي وحشة وأنانية..
أطرقت بقدميها الارض لتغوص بنوبة من البكاء كاد بأن يؤثر بحالتها النفسية المتدهورة فأمسك يحيى ساعديها معا وهو يصيح پغضب فتاك
قسما بالله يا طارق لو محترمت نفسك لأكون قسمك نصين أنت مفيش فايدة فيك أبدا غور من وشي..
ركض الصغير للخارج باكيا فأسرع بدر للدرج ليتفحص وضعها قال يحيى بقلق
شوفتي يا ماسة زعقتله ازاي متزعليش عشان خاطري..
ادلت شفتيها السفلية وجسدها ينتفض فحملها يحيى ليضعها برفق على الأريكة بالأسفل ثم أشار بيديه لبدر على مكان الادوية ليستكمل حديثه المهدأ لها
لو ماسة معيطتش هجي بدري من المصنع النهاردة وأخرجها الملاهي زي ما تحب..
اتسعت بسمتها وهي تردد بحماس
يحيى خرج ماسة
ابتسم وهو يجيبها
هخرجك وأجبلك البسبوسة اللي بتحبيها..
كفت عن البكاء واتسعت ابتسامتها فاحتضنها بلهفة بعدما تمكن من تخطي المرحلة الخطړة من علاجها المتزمن ابتعد عنها برفق حينما انتبه لهبوط بدر فناوله الحقيبة الصغيرة أخرج منها يحيى الدواء فكادت ماسة
بالركض فرفع بدر يديه حاجزا من أمامها قائلا
خدي الدوا عشان يحيى يخرجك زي ما قالك..
لوت فمها بتقزز فجذبها يحيى لتجلس جواره من جديد ثم مد يديه بالدواء فوزعت عينيها بينه وبين الدواء پغضب ومن ثم تناولته جرعة واحدة مرر يحيى يديه على خصلات شعرها وهو يردد باعجاب
شطورة يا روح قلبي..
ابتسمت وهي تهز رأسها بفرحة فرفع صوته مناديا
إلهام..
أتت مهرولة إليه فأردف
خدي ماسة أوضتها وخلي بالك منها..
أمسكت بيدها وهي تردد بابتسامة
دي في عنيا يا أستاذ يحيى..
حملت عروستها الصغيرة ثم لحقت بالخادمة وهي تشير له بعفوية
باي يا يحيى..
ابتسم وهو يودعها
مع السلامة يا حبيبتي..
صعدت ماسة للأعلى بصحبة الخادمة فجلس بدر جواره ليتنحنح قائلا باستياء
انا مش معاك خالص باللي عملته مع طارق يا يحيى..
رفع رأسه اليه ليجيبه بحزن.
أديك شايف يا بدربحاول أخليه يستوعب حالة ماسة وهو رافض..
قال بهدوء
مش قادر لانه عيل صغير المفروض تكلمه بهدوء..
هز رأسه باقتناع فربت بدر على كتفيه
عارف أن اللي بتمر بيه صعب حد يتحمله بس لازم تكون صبور زي ما أنت يا يحيى..
ثم جذب حقيبته ليشير له
شوفه وهستناك بالعربية..
منحه ابتسامة مصطنعة يخفي بها آلآمه بداخله ۏجعا يكاد يبتلعه ومع ذلك عليه التحلي بالصبر نهض ليتجه لغرفة أخيه الصغير طرق الباب بطرقات متتالية ليجدها مستلقي على الفراش بحزن فما أن رأه حتى جلس مكتف ساعديه أمام صدره بزعل ولج يحيىثم جلس لجواره على حافة الفراش ليردد بنبرة صوت حزينة
أنا عارف أني مكنش ينفع أتعصب عليك ولا