رواية العصيان..بقلم منى أحمد حافظ
بعض الوقت ودعت غزل رحاب وراوية وبجوارها وقفت سعادة بحنان إلى صدرها لتقول
_ زينة البنتة مش أكدة.
أومأت غزل وقالت
_ بصراحة يا ماما أنا حاسة أني كسبت أخوات مش بس أصحاب.
_ أني بجول الليلة الحر واعر إيه رأيك يا بتي لو تدخلي تتسبحي على ما أرتب لك المعجد واعطره.
وافقت غزل رغم حيرتها فغرفتها دوما مرتبه ومعطره أنهت غزل أستحمامها وغادرت مرحاضها وأستقبلتها سعادة وقالت
استسلمت غزل ليدا سعادة وتركتها تفعل بها ما تريد لتصعد في النهاية إلى فراشها مستسلمة للنوم.
صوت وحركة خفيفة أيقظتها من نومها فاعتدلت سريعا وقبل أن تطلق صراح صوتها كممت يد فمها فتملكها الذعر ليتبدد بلحظات إلى أرتباك وخجل بعدما تغلغل عطر حمزة انفاسها فمدت غزل أصابعها مبعدة يد حمزة التي وضعت فوق حاول حمزة أن يتحكم في مشاعره فهو لم يتخيل أبدا أن تأتي النجدة إليه من والدته التي أمرته أن يأتي ليتصالح مع زوجته ورأى ترتيب والدته الذي أعدته من أجله وقد فاق كل ما تخيل فهي زينت غزل لتزداد حمالا فوق جمالها خطڤ أنفاسه إنتبه حمزة لصوت غزل
تسلل التوتر إلى نفس غزل إزاء صمته وسماعها لصوت أنفاسه التي أرتفعت وتيرتها ودلت على أنفعاله فمدت يدها فتشبث بيدها ليدرك أنه عاد إلى وطنه أخيرا
في صباح اليوم التالي أيقظها حمزة حينما أشرقت الشمس وأجلسها جواره وبدأ في مصارحتها بكل ما حدث موضحا موقفه وغيرته وإستغلال جومانة ورفضه لها وإنهائهم للشراكة معها بل أخبرها بما حاولت جومانة فعله معه لتثأر لنفسها منه وقال
_ واضح إنك قسيت عليها يا حمزة.
دسها حمزة أكثر داخل صدره وقال
_ كان لازم أقسى عليها يا غزل علشان أنا فالأول والأخر راجل وصعيدي ودمي حامي مقبلش أبدا إني أشوف بنت بتهين نفسها وبترخص حالها وأقف أتفرج عليها وبعدين أي واحدة بتتعامل مع راجل فهي أمانة نفسها وأمانة الراجل نفسه وعليهم هما الأتنين يراعوا الأمانة ويحافظوا عليها لإن اللي ېخونها جزاءه المۏت وأنا كان لازم عليا أفوقها علشان تلحق نفسها قبل ما تضيع أكتر وتبقى فعيون الرجالة سلعة رخيصة ومستهلكة.
_ غزل ممكن أعرف أنتي ليه أتنازلتي عن حقك لرائف.
ذكرها بشقيقها الذي لم يحفل بها ولم يهتم بشأنها مثقال ذرة ففرت دموعها حزنا من وجنتها مكفكفا دموعها فأثارت فعلته غزل لتشهق أمام حنانه المفرط معها فسمعته يعتذر منها فوضعت غزل يدها فوق لتمنعه من قول المزيد قائلة
_ متعتذرش يا حمزة علشان اللي لازم يعتذر ويتأسف هو رائف اللي أفتكر إن الفلوس هتغنيه وياريته يعرف أن فلوس الدنيا بحالها متساويش ولا تعوض كلمة بحبك اللي بسمعها منك وللأسف أخويا غلبه شيطان نفسه ولما يجري عليه الزمن ويروح المال والشباب والقوة والعنفوان وقتها هيعرف إيه بالظبط اللي خسره وبصراحة أنا مشفقة عليه من الوقت دا علشان وقتها عمره ما هيلاقي الأيد اللي هتتمد وتقبل بيه بعد ما باع الكل واشترى الورق.
صمتت غزل وزفرت أنفاسها وبدت أمام حمزة كمن تطرد أحزانها بعيدا
لتتبدل في لحظات وتبتسم وهي تردف
_ عارف يا حمزة أنا بتمنى إن ربنا يديني أولاد كتير أنا عاوزة أعوض حرماني من أني كنت لوحدي بأن يكون لي أولاد.
أنفجر حمزة ضاحكا وبعد برهة همس مازحا
_ أنتي تؤمري يا غزلي عاوزة كل تسع شهور ولد أنا مستعد ومن دلوقتي.
أحتقن وجه غزل خجلا بعدما أدرك عقلها معني أمنيتها وصداها لدي حمزة فأخفت وجهها عنه وسمعته يهمس ويقول
_ بحبك يا غزل يا حبي ووطني.
...
الخاتمة..
الحب كلمة نراها في كل وجه ونسمعها فوق كل لسان تتهامس بها الأعين وتشدو بها الألحان ترسم فوق الشفاه ونسج داخل القلوب.
هكذا كان الحب لحمزة وغزل نسيج جمعهما سويا ليرتديه كلاهما ولم يفصهما أبدا..
زاد الحب بينهما مع كل طفل رزقا به لتتحقق لغزل أمنيتها فرزقها الله بخمس رجال كانوا لها العين التي تبصر وترى بها بل أصبحوا جميعهم كحمزة برجولته وسطوته وحنانه وخوفه عليها ورعايته لها وكما رزقت بالرجال رزقت بثلاث أميرات دللهن حمزة وعاملهن كقوارير ماسية نادرة.
وأصبح أبناء حمزة وغزل هم العزوة والسند والأمان الذي عوض غزل عن حرمانها من شقيقها.
شقيقها رائف الذي باع الغالي بثمن بخس ليكون جزاءه النسيان بين طيات الزمن وحيدا منبوذا مرفوضا من الجميع ليرى أبنائه كحلم بعيد المنال عنه بعد أن حقق كل منهم نجاحاه ليصبحا فخر والدتهم التي أفنت حياتها في تربيتهم مكتفية بوجودهم فقط برفقتها.
أما جومانة فلم تتعلم شيء وكما توقع حمزة ما نبت على الأستهانة بالدين والأخلاق غافلة الزمن لتدهسه الأقدام فتعددت مرات زواج جومانة لتشتهر بالزوجة المؤقتة بين رجال الأعمال وعاشت تتخيل بأن جمالها وشبابها دائم ليأتي رد الزمن عليها ويصفعها لتحدق بوجه لم تعرف لمن هو وجه مقيت تبغضه العيون وتعافه الأنفس فلم تتحمل جومانة أن تنبذ هكذا فقامت ببيع كامل أملاكها وسافرت لتعيش في منفى بعيد لا يعرفها فيه أحد بلا حب بلا حياة وبلا أحترام.
تمت .. منى أحمد حافظ