في قبضة الاقدار الجزء التاني

موقع أيام نيوز

الأول بين غياهب الأقدار 
يتحدثون دائما بأن الكتمان مؤلم و ضريبته موجعه. ولكن هل اختبر أحدكم مرارة البوح أن تخرج ما بداخلك وتترك نفسك مثلما خلقت أمام أحدهم و تكتشف بعد ذلك 
للبوح أيضا ضريبة و لكننا لا نملك تكلفتها ..
نورهان العشري 
بلغ الۏجع ذروته و اشتدت آلام المخاض كما أشاد القلب فعلا صړاخها حتي دوى رنينه في أرجاء السيارة التي كان يقودها سالم و بجانبه سليم الذي يجلس بقلب مړتعب ممزق عاجز عن اخماد ألمها و إيقاف ڼزيف روحها التي لم تفلح كلمات فرح المهدئة في تضميدها 

اهدي يا حبيبتي خلاص قربنا نوصل.
كان سالم ينهش الطريق أمامه كما ينهش الڠضب بعقله جراء تلك الحقائق المروعه التي انهالت علي رأسهم دفعه واحده و بجانبه سليم الذي كانت عينيه معلقه عليها پألم و قد فاض بقلبه الۏجع فود لو يحتويها في تلك اللحظة بقوة حتى تستشعر مقدار شعوره نحوها فصړاخها يؤلمه بقدر ما يؤلمه ضميره الذي أجهز عليها بأحكام صارمه منذ أن عرفها والآن أجهزت عليه حقيقة برائتها التي كان يراها بعينيها دائما.
هدأ صړاخها و انخفضت نبرتها حتي صارت خافته حين قالت 
ابني .. ابني .يا فرح.. خلى بالك . منه.
همساتها و ضعف نبرته و حديثها الموجع جعل قلبه يسقط بين ضلوعه و تلاحقت أنفاسه و احتقن الألم بحدقتيه ولونها بحمرة الډم فزمجر بقوة 
بسرعه يا سالم .. 
بكل الڠضب الذي يملكه ضغط علي دواسه البنزين فأصبحت السيارة كوحش طائر علي الطريق.
لم تستطيع فرح التحمل أكثر فصړخت بانفعال 
لا يا جنة متقوليش كدا. ابنك محدش هيربيه غيرك.
كانت عينيه تلاحقها من آن لآخر من مرآة السياره و في تلك اللحظه تلاقت بعينيها التي لأول مرة يرى بها التوسل الذي تجلي في نبرتها حين قالت
ارجوك يا سالم بسرعه..
لامس توسلها أوتار قلبه الذي يود طمأنتها بأي طريقة ممكنة فتوسلها و تلك النظرات الضائعه و عبراتها المسترسلة علي خديها ليست بالأشياء الزهيده فهي أثمن علي قلبه من روحه. 
في وقت وجيز وصلوا الي المشفي و ترجل سليم من مقعده صارخا 
حد يلحقنا بسرعه 
هرول طاقم الطوارئ إلى جنة التي كانت تحاول عدم الاستسلام لتلك الدوامة السوداء التي تجذبها بقوة وتم وضعها علي السرير المتنقل و قاموا علي الفور بنقلها الى الداخل وسط حالة من التوهان كانت تحيط بها نتيجة الډماء التي كانت تتدفق بقوة منها فأخذت تنادي بهمس علي شقيقتها 
فرح. ابني..
مټخافيش يا حبيبتي هتقوموا انتوا الاتنين و هتبقوا زي الفل أن شاء الله
سليم.. 
كانت جالسه علي آخر درجتين من السلم و عينيها ثابته علي التي نزفتها تلك المسكينه تحتضن نفسها پخوف تحاول تهدئه جسدها الذي كان يرتجف من هول ما حدث حتي أنها لم تكن تشعر بعبراتها التي انهمرت بغزارة فوق وجنتيها فاقتربت منها سما التي تتشارك معها بالصدمه مما حدث منذ قليل فقامت بلف يديها حول كتفيها وهي تقول من بين دموعها 
اهدي يا حلا متعمليش في نفسك كده
خرج الكلام من بين شفتيها مرتجفا مټألما كحال قلبها تماما
انت . سمعتي. اللي . انا . سمعته . صح مش معقول . يكون حازم . عمل . كدا فعلا معقول. يكون أذاها بالشكل دا 
كانت أكثر من يعلم مقدار قذارته ولكنها لم تستطيع الإفصاح عن ما بداخلها فاكتفت بالقول 
للأسف دا اللي حصل 
التفتت حلا تناظرها پصدمه وهي تقول بجمود 
انت مصدقه الكلام دا يا سما 
سما پألم دفين 
مصدقه يا حلا .. حازم كان عنده استعداد يعمل اي حاجه في الدنيا عشان يوصل للي هو عايزه.
هبت من مكانها بانفعال و صړخت پقهر
ازاي ازاي قدر يعمل كده في بنات الناس مفكرش فيا مفكرش انه ممكن ييجي حد يعمل فيا زي ما هو عمل كدا 
حاولت سما تهدئتها
اهدي يا حلا اللي حصل حصل و حازم خلاص ماټ ممنوش فايدة الكلام دا 
حلا پغضب ممزوج بۏجع
ماټ . للأسف ماټ . ماټ قبل ما يكفر عن غلطه مع المسكينه دي . ماټ قبل ما يدفع تمن اخطاءه . ماټ و راح لربنا و هو عامل كل المعاصي دي . انا حاسه هيجرالي حاجه
. دا كان أقرب حد ليا. ازاي يطلع بالأخلاق دي ازاي يقدر يعمل كدا. طب انا دلوقتي ادعي ربنا أقوله ايه . اطلب من ربنا يرحمه ازاي و هو مرحمش حد . 
تدخلت همت في الحديث قائله بسخرية 
عيبك يا حلا انك مكنتيش بتشوفي اي عيب في اخواتك أبدا. دايما كنت شيفاهم ملايكه بجناحات . عشان كدا صدمتك كبيرة لكن اديكي دلوقتي شوفتي عمايلهم. و شوفتي حازم اللي كنا بنقول عليه ملاك اهو عمل ايه 
التفتت حلا تناظرها پصدمه من حديثها سرعان ما تحولت لڠضب كبير فصړخت بانفعال 
متقوليش كدا علي اخواتي. لو كان حازم غلط فسالم و سليم مش زيه . وانا مش مصدقه أنه عمل كدا اكيد فيه حاجه غلط . يارب يكون في حاجه غلط . يارب يكون
في حاجه غلط 
رددت جملتها الأخيرة من بين دموع غزيرة و قلب محترق للحد الذي جعلها تسقط جالسه علي الأرض منكسه رأسها پانكسار لاول مرة في حياتها ..
كان الوقت يمر علي ظهر سلحفاة و كأنه يتحدى ثبات ذلك الذي كان يقف بجمود كتمثال نقش علي ملامحه الۏجع و اشتد الألم بعينيه التي لونتها الډماء فقد مر أكثر من ساعه و لم يخرج أحد لطمأنتهم و كأنهم اقسموا علي حړق كل ذرة اعصاب لديه فهو رجل ذو دماء حارة لا يحب الانتظار و لا يتحمل حرب الأعصاب تلك فصار يتنفس بحدة كمن يريد إزهاق رئتيه من قوة أنفاسه وبرزت عروق رقبته تعبيرا عن اعتراضها الصامت الذي لم يتجاوز أعتاب شفتيه. و كان هذا حال فرح التي لا تريد تذكر مواقف مشابهه انتهت بفواجع تركت ندوب قويه بداخل قلبها الذي لن يحتمل فجيعة أخرى و خاصة أن من بالداخل لم تكن مجرد شقيقة فقط . بل كانت ابنتها رائحه والديها ذكرى طفولتها الجميلة و كل عالمها.
انكمشت ملامحها پألم لم يتحمله ذلك الذي كانت عينيه تتلقفان كل حركه تصدر منها و كل تعبير صامت يرتسم علي ملامحها الواهنه التي لم يرها هكذا مسبقا لذا طاوع قلبه الذي كان يستشعر قلبها و مدي احتياجها له و بخطوات ثقيله تقدم منها قائلا بخشونة 
تعالي اقعدي وقفتك كده ملهاش لازمه تعب عالفاضي 
لم تدقق في حديثه فقد كان يكفيها صوته و وجوده بجانبها في تلك اللحظه فالتفتت تناظره بعينين هالكتين من فرط الألم الذي تجلى في نبرتها حين قالت 
هما اتأخروا اوي كدا ليه هو في ايه انا قلبي واجعني اوي يا سالم و خاېفه عليها 
كانت تتحدث بعينين فاض بهم الألم فأمطرت ۏجعا سقط علي قلبه فاحرقه فلم يستطع أن يرد عينيها التي تعلن أنها في أمس الحاجة إليه فاقترب منها خطوتين و أمسك بكفها بيد و بالأخرى لامس وجنتيها ماسحا عبراتها بحنان تجلي في نبرته حين قال
اهدي يا فرح عشان خاطري. هتبقى كويسه بإذن الله. 
يارب . يارب تبقي كويسه. انا مش هقدر اتحمل ۏجع الفراق تاني . المرادي ھموت ..
بلهفه غير مسبقه له وضع يده أمام شفتيها يمنعها من الاسترسال في الحديث قائلا بلهجة قاطعه
متكمليش يا فرح . هتبقي كويسه أن شاء الله خلي عندك ثقه في ربنا . و قولي يارب .
اطاعته ويدها تقبض بقوة على خاصته وكأنها طوق نجاة لقلب ېحترق خوفا و ألما 
يارب 
كان كل هذا يحدث أمام أمينة التي جاءت بسيارة مروان فلم يطاوعها قلبها ترك تلك المسكينه التي جعل الله لها نصيبا من المحبه بقلبها و الكثير من الشفقه و التعاطف حين علمت ما حدث من ولدها الراحل و الذي أدمى قلبها الذي تجاهلت ألمه كثيرا و أصرت علي المجئ للإطمئنان عليها و الآن وهي ترى وضع ولديها وكلا منهما يكتوي بنيران العشق والألم معا فتألمت أكثر و ازداد وضعها سوء ولكنها حاولت التماسك قدر الإمكان وهي تردد بقلب عليل و شفاه مرتعشه
يارب نجيها يارب . ربى اني لا اسألك رد القضاء و لكن أسألك اللطف فيه..
أخيرا خرج الطبيب من الغرفة فهرول الجميع حوله وكان هو أول من تحدث بلهفه 
دكتور طمني هي عامله ايه 
كان وجه الطبيب لا يفسر و لم تمهله فرح الفرصه للحديث فصړخت پألم 
ايه يا دكتور في ايه جنة كويسه 
الطبيب بإشفاق 
الحمد لله العمليه نجحت و الطفل حاليا في الحضانه عشان مولود في السابع. بس وضع الام للأسف ميطمنش. 
سقطت قلوبهم ړعبا فتحدث سالم الذي لايزال ممسكا بكفها 
يعني ايه يا دكتور هي مش داخله تولد عادي
للأسف يا سالم بيه احنا اكتشفنا وجود ورم في الرحم و كان لازم نستأصله 
شهقه قويه خرجت من جوف فرح التي للحظه كادت أن تسقط لولا ذراعيه القوية التي اسندتها
فالتفتت تناظره پصدمه و خاصة حين استرسل الطبيب في الحديث 
أنا مش عايز حضرتك تتخضي احنا عملنا اللازم و بعتنا الورم يتحلل عشان نعرف اذا كان حميد و لا لا هي ڼزفت كتير و دا غلط كمان العمليه مكنتش سهله احنا اضطرينا نديها جرعة بنج تانيه لما أوشكت أنها تفوق و دا طبعا لما اټصدمنا من وجود الورم. وعشان كدا هتفضل فترة في العنايه المركزه و بعد ما نطمن أن شاء الله هنوديها اوضه عاديه .
لا شئ اصعب على المرء من أن يقع فريسه بين براثن الندم أن يتآكل قلبه رغبة في العودة إلي الوراء لتصحيح أخطاء الماضي فأذا بأصفاد الحاضر تكبله فتلك الرفاهيه لا يمتلكها إنما عليه أن يجني ثمار ما زرعته يداه . يا لقساوة ذلك الشعور الذي لا يستطيع وصفه و لا الحديث عنه فقط مجبر على تحمله. يقف الآن أمامها و داخله ېحترق ندما علي چرائمه معها فقد كان هو القاضي و الجلاد بينما هي أضعف من أن تكون
مذنبه و ألما على رؤيتها بذلك الوجه الملائكي و هذا الجسد الضئيل تتحمل كل ما يحدث معها . 
آسف!
كان يود لو ېصرخ بتلك الكلمه حتي يسمع العالم أجمع اعتذاره الذي جاء متأخرا و علي الرغم من أنها أخبرته ذات مرة أنه سيندم و بشدة علي كل قذائف اتهاماته التي أډمت قلبها و أحرقت روحها ولكنه لم يكن يتوقع أن يأتي هذا اليوم. فقد كذبها و كڈب قلبه معها و عاند متسلحا بكبرياء لعين سحقها و أمطرها بوابل اتهاماته المريعه و ها هو الآن يتوسل الصفح منها بينما هي لا تشعر به وحتي أن شعرت فهو متأكد انها لن تأبه له و كان هذا الم
تم نسخ الرابط