رواية كاملة بقلم شهد جاد
المحتويات
تدريجيا وقبل أن يسألها مابها كانت تصعد إلى السيارة وتجلس بالمقعد بجانبه وتقول بنبرة استشف الحزن بين طياتها
اطلع بالعربية لو سمحت
أومأ لها بطاعة وحاول جاهدا أن يكبح فضوله اللعېن نحوها غافل أن ذلك الفضول سيكون سبب نكبته.
وها هي بعد بعض الوقت شاردة تستند على مقدمة السيارة في ذلك المكان النائي على تلك الهضبة الشاهقة التي كلما ضاقت بها السبل تأتي إليها فبعد مغادرته معها طلبت منه أن يوصلها لهنا وظلت هائمة بعيد في عالم آخر لا تعبئ أن فضوله يكاد يفتك به ليعلم ما بها والعديد من الأفكار السوداوية تداهمه وعندما يأس من صمتها قرر أن يكبح فضوله وتساءل بنبرة صدرت مهتمة للغاية وهو
تنهدت ولم تجيبه ليتنهد بنفاذ صبر ويتمهل بضع ثوان ثم يقول بنبرة هادئة وهو يركز نظراته على تلك الإطلالة الرائعة التي تكشف البلد من عليائها
مش عايز اضايقك ولا قصدي اتطفل عليك ...بس لو أنت حابة تفضفضي معنديش مانع اسمعك وللنهاية
لم تجيبه أيضا بل كانت تتنهد تنهيدات مثقلة وتغمض عيناها وكأنها بعالم موازي ولا تكترث غير لنسمات الهواء التي تداعب وجهها وجعلته دون أي قصد يهيم بها وبتلك الخصلات التي تتراقص مع الهواء وتراقص قلبه معها بسنفونية غريبة غير منطقية بالمرة بالنسبة له
هو انا مچنونة يا محمد
جعد حاجبيه الكثفين مستغربا سؤالها ثم تحمحم يجلي صوته الأجش وأجابها
لأ أنت مش مچنونة يا ميرال
أمال ليه دعاء شايفة كده وبتخلي بابي يضغط عليا علشان اروح لدكتور نفسي
أنت مش مچنونة ومش كل اللي بيروحو لدكاترة نفسيين مجانين...كل الحكاية أنك محتاجة حد يساعدك تفهمي نفسك و ترتبي أفكارك ويغير نظرتك السطحية للأمور
تنهدت تنهيدة آخرى مثقلة وعيناها تتعلق به ثم قالت في إحباط
مش محتاجة حد يقولي إني فاشلة ومستهترة وبغلط كتير انا عارفة ده كويس ومتأكدة إني مستهلش أن حد يحبني ولا
بس دي مش حقيقة أنت تتحبي واللي ميعرفش يحب ولا زيك يبقى مشكلته هو لأنه أكيد مبيعرفش يميز
نمت شبه بسمة من إطرائه وكم شعرت بالراحة بعدها حين استأنف
وعلى فكرة بقى كلنا بنغلط مفيش حد معصوم من الخطأ وطالما اعترفتي بأخطائك وبعيوبك ومخبتهاش أو نكرتيها يبقى دي بداية طريق التغيير
كان يتحدث بإندفاع دون تفكير حتى انه لم يلحظ أنه كان يلمح لها بشيء هو ذاته يستنكره و لم يستوعبه عقله بعد أما هي فقد اتسعت بسمتها وهي تستمع له ومأخوذة بحديثه ودون وعي منها وجدت ذاتها تقول بعفوية شديدة
عقد حاجبيه بعدم فهم لتستأنف هي دون أن تعير أنه أصبح على المحاك
كل حاجة معاك بتبقى بسيطة وسهلة وليها ألف حل أنا ببقى مبهوره بتحليلك للمواقف الصعبة اللي بمر بيها وبصراحة رغم أن ليك منطق غريب بحاول استوعبه معظم الوقت لكن بحس براحة أغرب لما بكون معاك
ارتبكت قليلا وأطرقت نظراتها وأخذت تلملم خصلاتها وتضعها خلف أذنها بخجل من تسرعها ولكنه حثها بعينه على المتابعة قائلا
كملي يا ميرال
زحفت حمرة طفيفة على وجهها وهي تطالع بندقيتاه والاهتمام الذي ينضح بها واستأنفت
أنا عمري ما وثقت فحد بالسرعة دي بس مواقفك معايا أثبتتلي أنك راجل بجد وانك جدير بالثقة دي وبجد انا بحمد ربنا أنك في حياتي يا محمد
تلك المرة لم تزلزل قاع قلبه بحديثها بل عصفت به وجعلت كافة قناعاته تنهارإلى أنقاض وبدل أن يسعد بتلميحها وجد ذاته يشرد و يمسد جبينه بأبهامه وسبابته كي
يكبح تلك الهواجس برأسه.
لاحظت شروده وهمست بترقب
محمد سكت ليه
عندما همست باسمه بتلك الطريقة أغمض عينه بقوة يجاهد كي يصمد ولا يتخلى عن عقلانيته وإن استعاد رباط جأشه قليلا ابتسم ببهوت وتسأل كي يغير مجرى الحديث الذي يتخطى حدود منطقه
يعني أفهم من كده اني عرفت أقنعك
أومأت له بنعم ثم أجابته بنبرة مترددة بعض الشيء
اقتنعت بس عايزة اطلب منك طلب قبليها
هز رأسه بترحاب لتستأنف أطراف أنامله المسنودة على مقدمة السيارة وتقول وفيروز عيناها يلمع بنظرة راجية
اوعدني أنك متبعدش عني يا محمد مهما حصل
انتفضت دواخله من وعجز عن الرد امام رجاءها فما كان منه غير أن يومأ لها وعيناه تغوص ببحر عيناها وكأنه مسلوب الإرادة
محدش بيهرب من قدره يا ميرال
ابتسمت بارتياح رغم حديثه الذي لم تفهم المغزى منه ونظرت بنظرة حالمة بها
متابعة القراءة