رواية مع وقف التنفيذ للكاتبة دعاء عبدالرحمن(الجزء الأخير من الفصول)

موقع أيام نيوز

وخفت اقولها وهى لوحدها يحصلها حاجة ..كلمتها بس وقولتلها تيجى ضرورى ومش عارفة اتاخرت ليه لحد دلوقتى !
أستندت عبير إلى ظهر أريكتها وأغمضت عينيها المتورمتين من البكاء فى حسرة وقد لاحت صورته فى عقلها وومض به قلبها وهى تستمع إليه وهو يقول لها بمرح 
أوعى تاخرى الصلاة مرة تانية فاهمة ولا افهمك بطريقتى 
وجدت الأبتسامة المټألمة طريقها إلى شفتيها وهى ترى ملامحه المداعبة لها وهى تتذكره وهو يداعب أطفاله بشغف طفولى ويجرى بينهم وهم يحاولون أمساكه ولا يستطيعون فيقفز ليعبر واحدا ويلتف حول الآخر بخفة ويجرى من الطفلان الآخران بسرعة ليدور حول المائدة وهم يدورون خلفه ويسقطون من فرط ضحكاتهم المجلجلة قبل أن ينجحوا فى الأمساك به أخيرا فيتكاثروا عليه ويتصنع هو السقوط فيتكالبون فوقه وهو ېصرخ بمرح مستنجدا بها أن تنقذه من بين براثنهم .
فرت دمعة من عينيها واعتصر قلبها من الألم ..دخلت دنيا شارعهم وهى ترتدى نظارة سوداء تخفى بها عينيها وجزء كبير من وجهها ومرت بين نظرات الناس حولها المشفقة عليها ومما حدث لزوجها فجرا .. صعدت الدرج فى اضطراب وهى ترى الرجال مجتمعين أعلى الدرج أمام شقة زوجها.. تنحوا جانبا عندما رأوها وهم يقولون 
قلبنا معاكى يا بنتى
عبرت من بينهم ودخلت الشقة لترى هذا الجمع الغفير من النساء وترى مهرة بين ذراعى أم فارس وعيناها تكاد تختفى من كثرة البكاء ودموعها التى لا تجف ..كان الوضع أشبه بمأتم أجتمعت فيه النساء فقالت فى تلعثم 
خير فى ايه يا طنط ايه اللى حصل
نظر لها الجميع بإشفاق حتى مهرة نظرت لها برحمة وشفقة وهى تتوقع رد الفعل بعد علمها بما حدث ..وقفت أم فارس واقتربت منها وهى تبكى وقالت 
فارس خدوه يا دنيا.. دخلوا علينا قبل الفجر وخدوه من وسطينا 
قالت باضطراب وهى متوترة 
هما مين دول
نظر لها الجميع بدهشة كبيرة فرد فعلها لا يتواكب مع ما تسمع من والدته بينما قالت أم فارس 
بيقولوا أمن الدولة يابنتى.. ومش هو وبس لا كمان خدوا عمرو وبلال معاه 
كان لابد

أن تظهر بعض رد الفعل وإلا شك بها الجميع فتصنعت البكاء ولكنها لم تخلع عنها نظارتها السوداء حتى لا يعلم الجميع بخداعها ..أستندت إلى الحائط وأخذت تشهق بقوة وهى تضع يدها على فمها ..ربتت أم فارس على كتفيها وهى تقول 
امسكى نفسك يابنتى ده انت اللى المفروض تقوليلنا نعمل ايه أحنا مش لاقينه فى أى حته
تماسكت دنيا سريعا وتناولت منديلا لتجفف دموعها التى لم تنزل أصلا وهى تقول 
معاكى حق يا طنط ..أنا هدور عليه فى كل حته لحد ما الاقيه عن أذنكم
وخرجت سريعا وهى تشعر أن بكائهم قد أصبح لعڼة تطاردها أينما ذهبت .. نظرت النساء إلى بعضها البعض متعجبة من رد فعلها ولكن عادوا إلى ما كانوا عليه منذ قليل ..كل يبكى على ليلاه.!
عادت دنيا إلى بيت والدتها وأول ما فعلت أجرت اتصالا هاتفيا بباسم الذى أجابها بسأم شديد 
أيوا يا دنيا خير 
قالت فى سرعة 
عاوزه اطمن عليه .. وأطمن أمه
زفر فى ضيق وقال حانقا 
هو طلع رحلة يا دنيا وعاوزة تطمنى عليه ..أنت عارفة كويس هو فين ولا ناسية
هتفت پغضب 
أمه ھتموت نفسها عليه حرام عليك
صاح غاضبا 
هتعمليلى فيها حنينة ياختى ولا أيه.. ولا تكونى ناسية انك انت اللى بلغتى عنه يا ام قلب حنين
تحشرج صوتها وقالت پبكاء 
عارفة انى أنا اللى أتزفت وبلغت.. بس عاوزه اطمن امه .. أنت وعدتنى محدش هيأذيه
رفع حاجبيه مندهشا من كلامها الذى هو عكس تصرفاتها تماما وقال ساخرا
والله انت لغز يا دنيا.. طب لما انت قلبك عليه كده وافقتى ليه من الأول
هتفت باكية 
علشان هو اللى اضطرنى لكده بغباءه ومثاليته الزايدة.. فاكر نفسه عايش فى الجنة 
صمت باسم قليلا ثم قال بهدوء حاسم 
بصى يا دنيا.. أنا هتكلم فى الموضوع ده لآخر مرة علشان زهقت منه ومش عاوز ۏجع دماغ تانى ..فارس هيفضل فى المعټقل لحد ما القضية تتقفل وتخلص خالص .. يعنى أربع خمس شهور بالكتير.. وصلى الكلام ده لأهله بطريقتك المهم متوجعليش دماغى تانى.. فاهمة
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تحاول تنظيم أنفاسها وهى تمسح دموعها بتوتر وقالت 
طب وهنعمل أيه فى القضية 
رفع حاجبية متهكما وقال 
أيوا هو ده المهم دلوقتى.. كده انت دنيا اللى انا اعرفها ...ركزى معايا كده وفتحى مخك ..
أستمعت إليه باهتمام وتركيز وهو يقول 
أولا مفيش مخلوق فى المكتب عندكوا هيعرف بحكاية الاعتقال دى ..ولا حتى الدكتور حمدى وكويس أن نورا أجازة علشان هى اللى هتعمل قلق ومكنتش هتسكت ..دلوقتى انت المسؤلة عن كل حاجة فى المكتب ..وده فى صالحنا ..علشان كده عاوزك أول حاجة تعمليها أول ما تروحى المكتب النهاردة تكلمى الراجل صاحب القضية وتبلغيه ان فارس طالب الأتعاب وبعد ما توصلك الفلوس هقولك الخطوة اللى بعدها
قالت معترضة 
لاء لازم أعرف كل حاجة دلوقتى
زفر بقوة ثم قال بملل 
هقولك ..أنا خلاص وصلت لسكرتير النيابة اللى هيسحبلنا الورق المطلوب من ملف
تم نسخ الرابط