غيوم ومطر بقلم داليا الكومي
المحتويات
عنها شريط الذكريات بدأ منذ البدايه ..غزو الذكريات كان اكبر من قدرتها علي المقاومه فاستسلمت له بيأس علها ترتاح بعدما تؤنب نفسها كما تفعل بصفه شبه يوميه ...عادت بذاكرتها ليوم ۏفاة والدها ...الذكري كانت حيه لدرجة انها عاودها نفس الالم الذى شعرت به يومها وكأنه ټوفي اليوم من جديد.... الجنازه عادت اليها بكل تفاصيلها الدقيقه... المقاومه ترهقها... تستنزفها .. اذن فلتترك الذكريات تمر في رأسها ربما بعد ذلك تتمكن من طى صفحة الماضى الي الابد ....
طرقات خفيفه علي باب غرفتها اجفلتها للغايه ...منذ الوفاه وهى مضطربه وتفزع من أي حركه...والدها الحبيب ټوفي في عمله بهدوء وبدون أي مقدمات ...كانت في كليتها كالمعتاد وعندما وصلت الي المنزل علمت بالفاجعه ...والدها ټوفي وترك خلفه عائلته بلا سند... اصغرهم رشا كانت في الصف الاول الثانوى واكبرهم محمد في السنة الخامسه من كلية الطب البشري ...صدمة ۏفاته الفجائيه كانت شديده وشلتها عن الحركه ...كانت تتخيله في كل مكان في الشقه لذلك حبست نفسها في غرفتها مڼهاره بالكامل...امتنعت عن الطعام والشراب لايام حتى خارت قواها تماما ووصلت لدرجة انها لم يعد في استطاعتها النهوض من الفراش ...حاول الجميع معها لاقناعها بالاكل والشرب لكنهم فشلوا تماما ..في النهايه وضعها اضاف هما لعائلتها فوق همهم الاصلي ...اليوم هو اليوم الرابع بعد الوفاه وايضا اليوم الرابع الذى تمتنع فيه عن الطعام حتى باتت هزيله وضعيفه وتعانى من الجفاف التام ...امتنعت عن تلقي العزاء في والدها ورفضت استقبال المعزيين ..باتت اقرب الي الاڼهيار النفسي والجسمانى وفقط يربطها بالحياه نفس يخبو... تجاهلت الطرقات علي الباب فهى لا قوة لديها الان حتى للرد ورفض دخول القادم فتجاهلت الطرقات المتواصله ظنا منها ان القادم سوف يغادر عنما ييأس من اجابتها ...لكن الطارق
استعداد تام للمغادره اذا ما كانت فريده غير محتشمه... الباب فتح لمساحه اكبر ودخل منه عمرفخري ابن خالتها الكبري منى الي غرفتها وترك الباب مفتوح خلفه ...
حالتها النفسيه لم تكن تسمح لها باستقبال احد لكن عمر اقتحم خلوتها وفرض نفسه عليها بدون استئذان ... لو كانت تستطيع الكلام او الحركه لكانت طردته فورا من غرفتها وأسمعته ما يليق بتصرفه الفج ...لدهشتها الشديده عمر ابن خالتها المشهورعنه الادب الشديد اكمل اقتحامه لغرفتها متجاهلا حقيقة وضعها الراقد بضعف في الفراش وجلس بجوراها وعيناه مغرقتان بالدموع وامسك بكفها البارد في يده ...لاول مره في حياتها.. لكن عمر الان كان مختلف عن عمر المهذب الخجول الذى تعرفه هى كانت تعلم جيدا انه يحبها في صمت منذ سنوات..بالاحري منذ يوم ولادتها وهو يعتبرها ملكا خاصا به وهذا ما كان يضايقها بشده...عمر كان يعمل في الامارات بالتحديد في امارة دبي وحضر في نفس يوم الوفاه كما سمعت من رشا .... استجمعت قواها كى تستطيع سحب يدها من يده لكن عمر رفض بشده وشدد من ضغطه عليها ...كانت تعى حقيقة مظهرها جيدا لكنها لم تكن تهتم فهو من فرض نفسه علي خلوتها ...كانت منتفخة العينين حتى اختفت ملامحها تماما في الجزء العلوى من وجهها وشعرها الطويل مشعث ومتشابك كأنها لم تمشطه يوما وجسدها يرتجف پعنف من نقص السكر في الډم وبدأت في التصبب عرقا ...من دراستها علمت انها علي وشك الدخول في غيبوبه نقص السكر في الډم لكن عنادها كان اقوى من الحاح عائلتها عليها بالاكل وحتى من ټهديد محمد لها بالدخول في الغيبوبه اذا ما استمرت علي رفض الطعام..بالفعل هو كان معه حق فهى بدأت في الشعور بالدوار وعدم التركيز لكنها علي الرغم من ذلك كانت مدركه ان عمر يراها بدون حجابها
ربنا يرحمه وتعالي نفكر نعمله صدقه جاريه تنفعه ... لكن انتحارك ده هيفيده بأيه ... كلماته اعادت شهقات الدموع اليها ...بدأت في البكاء ومع بكائها الشديد الرعشه التى تحتلها زادت الي حد غير محتمل وعرقها اصبح غزير وبدأت في الكلام بطريقه غير مفهمومه ...اخر ما تتزكره قبل ان تغيب عن الوعى تماما كان الړعب الهائل المرتسم علي وجه عمر ثم بحثه السريع عما يصلح غطاءا لشعرها ..لف حجاب علي شعرها بصوره سريعه لكنها قضت الغرض واخفت شعرها ...تناول شرشف حريري كبير ولفها
بل وتستطيع القول انها اصبحت مستحيله فالمفاجأت السيئه لم تنتهى بعد ...شهر واحد فقط واكتشفوا ان راتب والدها انخفض الي الربع والمعاش المستحق له لا يستطيع ان يكفي متطلباتهم ... اربعة من الابناء اثنان منهم في كلية الطب المكلفه وواحد مريض بالكلي ويحتاج للغسيل مرتين اسبوعيا علي الاقل والغسيل في المستشفيات الحكوميه قتل بطىء وليس غسيل... وجلسة الغسيل الواحده في المستشفات الخاصه تكلف كثيرا ...هذا بالاضافه الي رشا ومصاريفها ...بكاء والدتها المتواصل لم يكن فقط بسبب حزنها علي ۏفاة فتحى حبيب عمرها ورفيقها ولكن بسبب تصريح محمد انه سوف يؤجل دراسته بضع اعوام ويبدأ في البحث عن عمل ....اخبرهم بلهجه لا تحتمل النقاش ... انا خلاص سبت الكليه لحد ما ربنا يفرجها وهشتغل في صيدليه .... محمد قال بلهجه لا تحتمل النقاش... احمد لازم يغسل في ميعاده وانتى يا فريده معلش هتستغنى عن درس الباثولوجى ولو قدرت في اخر السنه هدبرلك مراجعه
ايضا فريده بكت فمحمد يتخلى عن حلمه بكل سهوله لاجلهم بالاخص لاجل احمد ... رؤيتها له وهو يضحى في صمت كانت ټقتلها لكنه لم يكن يفعل سوي الابتسام ويقول .. انا الكبير وانتم مسؤلين منى .... انه القدر الذى تدخل لتغيير حياتهم بالكامل ..ادركوا كم الحمل الهائل الذى كان يحمله والدهم عنهم ولم يشعرهم يوما بحجمه ... انها ارادة الله فمن يستطيع الاعتراض ...الانخفاض الكبير في دخلهم لم يعوضه راتب محمد القليل من عمله
في الصيدليه ...كان فقط يتخلي عن دراسته والمقابل مجهول فمازالوا يعانون من شظف العيش
والعجز الكامل عن سداد الفواتير فقط غسيل احمد استمر فبدونه سوف يفقدونه ...اصبح هدفهم الوحيد تدبير مصاريف غسيله.. والدتها ضغطت علي كرامتها وبدأت في الاستدانه من عائلتها ...الحق يقال لم يتاخر احدا من خالاتها عن مساعدتهم وايضا خالها سعيد المقيم في كندا كان يرسل لهم المعاونات باستمرار اما جدتها شريفه فلم تتوانى هى ايضا عن المساعده لكن غسيل احمد لم يعد يقتصر علي جلستين بل احتاج الي ثلاثة جلسات وربما اكثر فالحاله النفسيه السيئه التى كان يعانى منها اثرت بشكل مباشر علي حالته الصحيه .. الامور تسوء واصبحوا فعليا يعيشون علي الاعانه اسوء شهران قد تمر بهم فريده يوما ...الاسوء كان دخول والدتها في نوبة اكتئاب حاده فحياة اولادها ټنهار امامها واصبحت تتسول من عائلتها ... اما الاڼهيار التام الذى قضى علي البقية الباقيه من تماسكهم كان اعلان الاطباء ان احمد لم يعد يستجيب للعلاج لانه فقد الرغبة في الحياه ... فريده ترجته وسط دموعها الغزيره ... احمد ارجوك قاوم ..احنا محتاجينك هتسيبنا لمين ...
احمد اجابها بيأس .. محتاجنى في ايه ... انتم افضل بدونى انا حمل تقيل عليكم...تفتكري سهل علي ان محمد يسيب كليته بسببى ...انا افضل ولا انى احرمه من حلمه ...انا لازم يا الله هى من لو حدث امر ما لاحمد ... خطڤ منها والدها ولن تسمح له بخطڤ احمد ايضا ...جميع احبتها ينهارون من حولها ..احمد يستسلم ظنا منه انه بذلك يخفف حملهم .... الضحكة غادرت منزلهم وباتت تسمع انين البكاء في كل غرفه ... كيف يتحول الوضع بين ليلة وضحاها ..الان تعيش في كابوس ...غادرت الي غرفتها وهى تبكى ...كانت بحاجه الي الكلام مع أي احد والا ستنفجر ... ربما لو اتجهت الي محادثة فاطمه صديقتها ستهدأ قليلا ...هى بحاجه للحديث مع فاطمه ...التقطت هاتفها النقال لتبحث عن رقم فاطمه لكن عيناها شاهدت مئات الرسائل النصيه المرسلة اليها من رقم خارج مصر وهى كانت تتجاهلها ... كانت تعلم تماما ان عمر مصدر تلك الرسائل
متابعة القراءة