زهرة لكن دميمه

موقع أيام نيوز


السابعة عشر والأخيرة
مع الوقت ننسى الألم فيصبح الماضي كأن لم يكن
في أخر النهار وبعد غروب الشمس وأختفائها في الأفق 
رجع أكنان الى البيت فلم يجد أطفاله في الجوار... صعد إلى غرفتهم فتح الباب بهدوء رأها من مكانه تحكي ليهم قصة ومندمجة في تقليد أصوات الطيور...والصغار يضحكون في محاولة لتقليدها زينت شفتيه ابتسامة ناعمة لرؤيتهم هكذا... هتف أياد وقفز من فوق الفراش _بابا جاه

تبعه إياد هو الآخر ملقيا نفسه عليه
التفتت زهرة له ونظرت إلى أطفالها فرأت الفرحة في عيونهم... رفعت عينيها دون قصد تلاقت النظرات رأت بداخل عيونه مشاعر متعددة...تملكها التوتر فأبعدت رأسها في الإتجاه الآخر
قالت بارتباك _يلا ياحبابيبي وقت النوم
رفض الصغيرين طلبها بالنوم فقال لهم أكنان بلهجة أمره_أسمعو الكلام... لو نمتو دلوقتي هوديكم بعدين تشوفي عمتكم وجدكم... لاحظ نظراتها الغاضبة عندما وعد الصغار بزيارة العائلة 
هتف وليد وأياد في وقت واحد_بجد
ايوه بجد روحو نامو يلا
_حاضر
أسرع الصغيرين كل واحد باتجاه فراشه... قامت زهرة بجذب الغطاء على كل منهما وأعطت كل منهما وقالت بابتسامة _تصبحو على خير واحلام سعيدة
وليد وأياد _وانتي بخير ياماما
عندما اغلقت باب غرفتهم ظل أكنان واقف أمامها بهدوء ثم قال_أنا مستني
_مستني ايه بالظبط
_شكلك بيقول عايزه تتكلمي بخصوص وعدي ليهم
نفخت بضيق وردت عليه بلهجة منفعلة_انت ازاي تاخد القرار ده من دماغك هما مش مستعدين دلوقتي يتعرفو على أهلهم
إجابها بثبات_بالعكس يازهرة ده أنسب وقت أنهم يتعرفو على أهل باباهم... دي جذروهم ومستقبلهم ولزم يتعلمو حب العيلة وبيسان أختي نفسها تشوفهم قبل ماتسافر... بلاش تحرمي ولادك من عيلتهم
هتفت بحدة _أنا لو عايزه أحرمهم مكنتش اتجوزتك... بس الوقت مش مناسب
أخفى غضبه بصعوبة وقال بهدوء مفتعل_خلاص انا وعدتهم ومش هخلف وعدي ليهم وختم كلامه تصبحي على خير
ثم تركها مغادرا ټضرب اخماسا في اسداس
كانت رحلة طويلة لها من مصر الى أمريكا أستغرقت ساعات كثيرة...ولأول مرة في حياتها تطىء قدمها أرض غريبة غير مدينتها...كانت تنظر لوجوه الناس بتأمل عميق وللمباني الشاهقة التي تلمع واجهاتها الزجاجية من خلال السيارة...
توقفت السيارة امام بوابة عريقة...أمسك يدها برفق وقال_هناهنعيش وشعرت به يضع سريعة على خدها...يلا بينا 
فتح لهم الباب وأصبحت في الداخل وقفت ضحى في مكانها...تتأمل فخامة المكان ولمسات الفن المعماري المهيب مشهد يسلب اللب ...شردت للحظات تخيلت نفسها أميرة في عصر الأميرات وهي تنزل بفخامة على السلالم وفي الاسفل أميرات يضحكن وموسيقى ناعمة تنساب في الجو...بدأت تتحمس وتنفض عنها التوتر
أشار للخادم بحمل الشنط الى غرفته وتفريغها...الټفت اليها فرأى شرودها سألها مبتسما_ أيه رأيك 
_ حلو أوي 
_ يلا نطلع أوضتنا زمانك دلوقتي عايزه ترتاحى
_ بصراحة

أه
شعرت بالراحة وهي تجلس فوق الفراش تتحس ملمس الغطاء...أخذت تتأمل كريم وهو يتكلم في الهاتف ونظرت حولها بشرود لكن ذلك لم يمنع رؤيتها جمال وأناقة الغرفة وعندما أنهى الأتصال جلس بجوارها وضمھ واضعا رأسها فوق قلبه وقال برقة _ حسه بأيه وأنتي هنا معايا
ردت بهدوء_ حسه بالرهبة شوية
نظر لها بقلق_أيه اللي خلاكي تقولي كده 
قالت له بلهجة رقيقة_ رهبة عشان في بلد غريبة ومكان جديد عليا...لكن أنا في قمة سعادتي عشان موجودة معاك...وجودك معايا هو الأمان هو سعادتي الحقيقية 
ضمھا أكثر وربت على شعرها وقال_ وأنا هعمل أي حاجة عشان أخليكي ديما سعيدة ثم رفع رأسها وقبلها على وجنتيه...زمانك تعبانة دلوقتي نامي شوية ثم أراح جسدها على الفراش ونهض
سألت بخفوت _ رايح فين
رد عليها بابتسامة _ هخرج أخلص كام حاجة وهجيلك علطول
هزت رأسها وهي تشعر بالأرهاق وبمجرد خروجه أستغرقت في النوم مباشرة
وفي الأسفل نزلت نيروز من سيارتها وأتجهت إلى ملحق الفيلا المفضل لزوجها...رأت ناصر جالس على أحد الكراسي رافعا قدميه على طاولة صغيرة كانت تتوسط المكان وفي يديه مجلة مندمج في قرأتها
بدأت نيروز بالصړاخ_ أنت هنا وأنا برن عليك مش بترد...
رد في هدوء_ خير يانيروز كنتي عايزاني في أيه
هتفت في وجهه بحدة _ كنت عايزاك في حفلة تكريمي وبلاش الأسلوب ده معايا...لوي الدارع ده مش عليا
مط شفتيه بضيق_ تقصدي أيه
_أنت عارف أنا قصدي أيه كويس..من وقت لما قولتلك خلاص أنا مش معاك في لعبتك وأبعد عنها
قال بلامبلاة _ وأنا سمعت كلامك وبعدت عايزه أيه تاني
قاطعته بعصبية_ ترجع زي الأول وبلاش لويت الوش دي معايا
أستدار برأسه ورجع
عدة خطوات باتجاه الملحق وهو يسمع صياحهم وهمهمات كلام غير مفهومة
طرق على الباب ثم دلف...نظر كلا والديه اليه پصدمة 
قالت بارتباك _ أنت جيت أمتى 
_ لسه جاي مبقليش نص ساعة وبدل مالقيكم في أستقبالي بتتطمنو عليا أسمعكم بتتخانقو مع بعض...أيه سبب الخناقة المرة دي
ضمته نيروز وقامت ب ه على وجنتيه وقالت بابتسامة مضطربة_ حمد لله على سلامتك...متزعلش مني عشان مكنتش موجودة بس للأسف كان عندي مؤتمر بتكرم فيه ولسه جاية منه دلوقتي...باباك السبب في الخناقة مرضاش يجي معايا وقال مشغول وأعرف أنه بيضحك عليا وقاعد في البيت 
ضحك وقال _ متزعليش نفسك ماهي مش أول مرة يزوغ عن مؤتمر بتتكرمي فيه...معلش بقا مضطر أسيبكم هروح مشوار ساعة وجي علطول
زمت شفتيها قائلة _ هو أنا لحقت أقعد معاك 
رد عليها بابتسامة_ بكرا تشبعي براحتك سلااااام وأعطاها في الهواء وخرج مباشرة
تنهدت نيروز براحة _ الحمد لله مسمعش حاجة
__
تقلبت ضحى على الفراش وهي نائمة تحلم بكابوس ثم نهضت وهي في حالة فزع شديد ثم صړخت...دلف كريم بسرعة على صوت صړاخها
قال بلهفة _ مالك حبيبتي
وهي تلهث قليلا قالت_ كابوس حلمت بكابوس
أحاط احدى يديها بكفيه فشعر بأناملها باردة وترتعش فتناول يدها الأخرى وضمهم بين كفيه يفركهما لتدفئتهم
_ خير أحكيلي بالراحة
_ كل اللي فاكره أني كنت في الضلمة...الضلمة وبس وأنت بتبعد وفوقت لقيت نفسي پصرخ 
أحتضنها كريم وهمس في أذنها_ مټخافيش من أي حاجة طول ماأنا جمبك
_ خاېفة 
_ خاېفة من أيه
_ خاېفة الشغف والحب اللي بينا يروح
أمسك يديها ووضعه مباشرة فوق قلبه وهمس برقة_ هنفضل نحب بعض وهنكمل مع بعض طول ماقلبي بيدق والشغف اللي بينا هيزيد...ثم ضحك قائلا بس أكيد الحياة مش هتبقا علطول حب في حب 
نسيت توترها وابتسمت له _ بالعند فيك هتبقا أيامنا حب في حب 
وظلا متعانقين فترة من الوقت ثم قال لها برقة_ أنتي قرة العين لي
_ وأنت قرة العين لي ياحبيبي ياعمري ياروحي
بعد مرور عدة أيام...لم يحدث فيها الكثير بالنسبة لضحى وكريم أيامهم كانت شهر عسل دون منغصات من أهل زوجها...أما زاهر نجح في أكتثاب ثقة بيسان وقرر السفر الى فرع الشركة في المانيا والبدء في حياة جديدة هناك بعيدا عن ذكريات الماضي...أما صفيه بعد العديد والعديد من الإعتذارت رجعت إلى منزل زوجها لكن العلاقة بينهم لم تعود كما الأول
والعلاقة بين زهرة وأكنان أصبحت هادئة حاولت زهرة الأستماع لنصيحة ضحى وتقبل وضعها ونسيان الماضي
قررت بيسان أمضاء أخر ليلتها الأخيرة في مصر مع أهلها 
قبل سفرها مع زاهر... دعت أكنان وأصرت على حضور زوجته وأولاده معه أرادت رؤيتهم والتعرف إليهم... معرفتها بوجودهم كانت صدمة هائلة بالنسبة لها لكنها استطعت تخطيها وتمنت له السعادة فهو عانى الكثير في حياته...
أجتمع الكل في حديقة الفيلا...زينت الحديقة بالأضواء فبدت كشموع تتلألىء لتضيف على وجوه الجميع بهجة ورضا...الرجال أهتمو بالشواء فيما أخذت جيلان وبيسان وزهرة بتحضير الم ...ركض وليد وأياد في الحديقة وضحكات الجميع تملىء المكان 
سهرو مع بعض حتى أخر الليل...أضحكتهم بيسان بالنكات التي كانت تلقيها وبعض الحكايات المضحكة عن طفولة أكنان...وجدت زهرة نفسها بالتدريج تندمج مع المرح الذي ساد في الغرفة...ووليد وأياد لم يكفا عن اللعب والحركة مع نجم وجيلان حتى أنهكهم التعب
لم يكف أكنان عن النظر لها

كانت ترتدي فستان أبيض ناعما وحذاء من الجلد الخفيف ليس له كعب...ملابسها بسيطة وخارقة للعادة... بساطة مٹيرة...بساطة الشمس حين تطلع وحين تغيب لم تكف عينيه عن التطلع اليها...يشتاق لها يريد الأرتواء من ريحقها المسكر 
عندما رأت تثاؤب أطفالها قالت لهم _ بعد أذنكم عايزه أنيم الولاد
نهضت جيلان من مكانها وحملت أحد الصغيرين وقالت _ تعالي معايا أوريكي الأوضة اللي هينامو فيها 
وبمجرد أنصرافهم قالت بيسان بابتسامة متلاعبة_ عينيك متشالتش من عليها...باين عليك واقع على الأخر 
أكنان بابتسامة _ وأنتي بقا قعدة مراقبني 
هزت رأسها بضحك _ هو بصراحة الكل مش أنا لوحدي 
غمز لها زاهر_ براحة عليه يابوسة
أبتسمت لزوجها قائلة _ حاضر هخف...ماتقولي ياكينو ياأخويا ياحبيبي حكايتكم من أولها وبلاش تلاوعني في الكلام...أتعرفت على زوزو أزاي وأمتى...وأزاي أنا معرفتش
أردف بابتسامة ماكرة _ أتعرفنا على بعض زمان ورجعنا لبعض دلوقتي 
زمت شفتيها بضيق_ نعم ودي بقا الأجابة على كل أسئلتي
_ أيوه يابوسة وبطلي فضولك ده شوية 
_ ماشي ياكينو هبطل فضول بس مسيري هعرف
قام أكنان من مقعده ثم قال _ تصبحو عى خير 
أبتسم نجم وقال في هدوء_ أخيرا جاه اليوم اللي أشوف أبني هنا وقاعدين كلنا مع بعض
نظرت له بيسان وأردفت قائلة _ يعني معندكش فضول زيي تعرف أيه حكاية مراته وولاده
لاذ بالصمت للحظات ثم قال ببطء_ هو لو عايز يقول لينا هيقول...وأنا كفاية عليا أنه حاول ينسي ويبتدي معايا صفحة جديدة ...كفاية عليا أنه ممنعش أحفادي عني مع أن ده من حقه...أنا مكنتش ليه الأب المثالي
شعرت بيسان بالحزن في صوته فقامت من مكانها وجلست على مسند كرسيه وأحاطته بأحدى
ذراعيها وضحكت مغيرة مجرى الحديث_ بس الولاد نسخة مني ...دول لو كانو ولادي أنا مكنوش هيبقو شبهي كده 
أبتسم ببطء قائلا _ شبهك أوي ودخلو قلبي وأحتلوه 
تصنعت الزعل _ وأنا بح خلاص بقا مليش مكان
_ لا طبعا أنتي ليكي النص بحاله 
_ وليه بحاله كتير أوي عليا ولا أقولك خليها الربع
قرص خدها بخفة وقال مبتسما_ أنتي الكل في الكل طبعا
تابع زاهر في صمت حركات الأب مع أبنته...أبتسم وهو يرى سعادتها البادية على وجهها..تحدث قائلا_ أنا داخل أنام تيجي معايا ومد يده اليها...أبتسمت له وأمسكت يده ...هجي معاك وقبل أن تتحرك قبلت والدها على وجنتيه...تصبح على خير
_تصبحي على خير ياحبيبتي
في الغرفة عند زهرة
بعد أن تأكدت من نوم أطفالها أخرجت بيجامة من الدولاب وحدثت نفسها أن اليوم كان جميلا بالرغم من توترها في البداية فهي كانت تخشى مقابلة عائلته ولكن تحت أصرار الصغيرين ذهبت معهم مضطرة والأن هي تشعر بالراحة...زينت شفتيها خفيفة وهي تسترجع مامضى وسعادة صغارها مع ولهوهم مع الجد والعمة وعندما وصلت أفكارها باتجاهه متذكرة نظرته الخاصة لها فقامت بهز رأسها وأتجهت الى الحمام...عندما خرجت تفاجأت به جالس على حافة الفراش
سألته بلهجة متوترة_أنت بتعمل أيه في أوضتي 
أردف بابتسامة هادئة_ قصدك أوضتي أنا 
بلعت ريقها بصعوبة_ أوضتك أوضتك
_ أيوه أوضتي أوضتي
_ ومادام هي أوضتك جيلان جبتيني هنا ليه 
رد عليها في هدوء_ عشان
 

تم نسخ الرابط