مزاج العشق المر بقلم سلمي المصري
المحتويات
كانت تلك وقتها حجته حجة ساقتها مشاعره أمام غروره وعناده لتبرر رغبته في وجودها
ضيق عينيه في تمعن حين اتسعت عيناها فجأة وفغرت ثغرها وهى تهتف فى سعادة
بابا فاق
حمدلله ع السلامة يا بابا
قالتها ايلينا وهى تقبل كف ابيها الذى قرب جبينها منه ليقبله فهمست اليه فى عتاب
كدة برضه يا بابا تخبى عليا
الظاهر خلاص يا ايلينا مبقاش فيه فايدة من المقاوحة اكتر من كدة
قاطعه محمود في صرامة امتزجت بكثير من العطف
متقولش كدة يا راجل ان شاء الله تقوم بالسلامة وتفرح بيهم
اضافت ايلينا وهى تصدق على كلمات محمود
ايوة يا بابا ان شاء الله تعمل العملية وتقوم وبالسلامة
عملية ايه بس دى غالية اوى والامل فيها مش كبير
تخلص يوسف من صمته أخيرا هذه المرة
ملكش دعوة بالمصاريف خالص ياعمى احنا مش اهل ولا ايه
نظرت له ايلينا فى ضيق بينما رد محمود بابتسامة ممتنة
تعيش يا يوسف انا كل اللى بفكر فيه دلوقتى علي وايلينا لو جرالي حاجة مش هيبقا ليهم حد غيركو
بابا متقولش كدة انت هتعمل العملية وهتبقى كويس
نظر سمير اليها وواصل فى حنان
انا خاېف عليكي انتي بالذات ايلينا ابن عمك شكله مش هيجيبها البر ابدا
قطب يوسف حاجبيه متسائلا في حيرة
ابن عمها ايه الحكاية بالظبط
تنهد سمير ليخبره
نظر يوسف الى ايلينا هاتفا فى استنكار
انتى ازاى متقوليليش على حاجة زى دى
رمقته بنظرة معناها وهل كنت تهتم يوما بشىء يتعلق بي أفحمته نظرتها فازدرد ريقه وهو يقول بنبرة أهدأ
متخافش ياعمي محدش يقدر يأذي ايلينا وانا على وش الدنيا ومادام الموضوع وصل لكدة يبقى اسمحلي اناعارف انه مش وقته بس لو هنعجل بكتب الكتاب يكون أفضل
حملقت به ايلينا أبوها قد وصل خشيته عليها حد الذعر حد قبوله بيوسف وهو يعرف عنه ما تعرفه اذن قد استسلم لمرضه ويأسه
تابع محمود الحديث عنه فى سعادة
يبقى خلاص على بركة الله نكتب الكتاب وبعدها نستناك تقوم بالسلامة من العمليه عشان نعمل الفرح
تردد سمير قائلا
عملية بس انتو عا
قاطعته ايلينا هذه المرة وهى تعرف طريقها جيدا بابا لازم تعرف ان مفيش جوازة هتتم من قبل ما توافق انك تعمل العملية
نظر لها سمير بابتسامة يسألها في رفق
انتى بتساوميني يا بنت انتى
وبرغم انها كانت مزحة الا انها كانت حقيقة لقد كانت بالفعل تساومه وهو تقبل مساومتها تلك بصدر رحب يعلم أن ابنته تحب هذا اليوسف تحب للمرة الأولى في حياتها ويشعر من نظرات يوسف اليها أنه يبادلها الشعور ذاته ولكن بعده لم يرضخ يعلم أن ابنته قوية وستغير فيه الكثير فقديما عشقه لأمها غير حياتهما سويا ربما تكررت القصة من جديد من يدري
تم عقد قرانهما بالفعل فى المشفى ورغم السعادة التى حلقت فوق الجميع الا ان الحزن والقلق كان من نصيبها وهى تشعر ان حبيبها يتزوجها رغما عنه للمرة الثانية وان ادعى عكس ذلك ليحافظ على ماء وجهه لا أكثر نعم تغير وقد لمست بنفسها هذا التغيير ووقعت فى غرام يوسف الجديد بكل ما فيه حتى بغروره وعنجهيته ڠرقت بكل مشاعرها وكيانها فى كل تفاصيله ولن تقبل منه ابدا بأقل مما تشعر به تجاهه لن تقبل ان تعيش عذابات حبه وحدها لتكون وسيلته لارضاء غروره كرجل ليس اكثر
أما الحيرة فكانت من نصيبه هو يرى غيامة حزن تعكر صفحة وجهه الصافي اهو ندم
ام انها تخشى تلك الخطوة وتفتقد الامان معه
ام لأن لعبتها خرجت عن الحد الذى رسمته لها
أم هو قلقها على أبيها
انفرد كل منهما بالآخر بعد عقد القران فى حديقة المشفى
طال الصمت بينهما كأن كل منهما يعطي للاخر فرصة فى توضيح موقفه أولا
كانت هى الأسرع فى ټمزيق هذا الصمت السخيف فقالت وهي تنظر امامها
على فكرة انا وافقت على الجواز بس عشان بابا يوافق يعمل العملية لكن متخافش مش هدبسك معايا كتير
عض يوسف على شفتيه فى غيظ وهو يتذكر كلماته الوقحة وهمس في خجل
انا اسف مقصدتش المعنى ده ابدا
ابتسمت فى حزن قائلة
متعتذرش انت فعلا معاك حق أنا فعلا زودتها انت رفضتني اكتر من مرة وكان لازم يكون عندى كرامة
كاد ان ېصرخ بها أن تتوقف ولكنها واصلت
انا طبعا بشكرك على شهامتك ووقفتك معايا واوعدك ان التدبيسة دى مش هتستمر كتير وبمجرد ما بابا يفوق ويبقى كويس هننفصل وتقدر تشوف حياتك
ولم تمهله فرصة للرد ابدا فلو امهلته ستحرم نفسها من الاحتفاظ بكرامتها للحظة الأخيرة سيرى دموعها التى اخفتها عنه فى كبرياء وأطلقت عنانها بمجرد أن أعطته ظهرها كيف سمحت لنفسها بالتورط في حبه هكذا !! كيف
راقبها في ألم وهي تختفي من أمامه وسخطه على ذاته يزداد لماذا لم ينتزعها من افكارها السخيفة هذه
لماذا يرفض ان يعترف لنفسه بانه لايتحمل فكرة ابتعادها
يرفض هجرها
يكره حزنها
يمقت شعورها بالخۏف فى وجوده
يحب قوتها عنادها مشاكستها
كل شىء فيها يثير جنونه
لماذا لم يستجب لمشاعره وألجم جسده الذي كاد أن يتحرك ليزرعها بين ذراعيه بقوة لتكون تلك الاجابة الصحيحة والرد المناسب على كل ما زعمته
كانت صوفيا فى غرفتها تضع اللمسات الاخيرة لبورتريه خاص مزجت فيه الالوان بشكل رائع فبدت حتى أجمل بكثير من الصور التى التقطتها للنيل فى الغروب تأملته فى رضا قبل ان تزيحه جانبا وتستلقى على فراشها وهي تتأوه فى خفوت اغمضت عينيها لحظات ثم فتحتهما وهي تبتسم فى خبث مدت يدها تلتقط هاتفها من على المنضدة تطالع عليه صورة زين الذى يضعها على تطبيق الواتس اب صورة يبتسم فيها بوداعة أخذت لبها منذ ان طالعتها للمرة الاولى ملامحه الشرقية المنحوته تتوه فيها دائما وتذكرها بفرسان العرب القدامى التى قرأت عنهم فى الاساطير لا تستطيع حتى الان تحديد ماهية شعورها نحوه فكثيرا ما تشعر بالحنق منه حين يتجنبها او يشيح بنظره عنها وذاتها تلك الافعال تجذبها اليه اكثر نظرت الى صورته من جديد وهي تمرر اصبعها على ملامحه كأنها تريد ان تحفرها بذاكرتها نهضت من جديد وابتسامة حالمة تزين ثغرها وهى تتجه الى كراس الرسم وتبدأ فى خط ملامحه بدقة ومهارة وبعد ساعة او يزيد انتهت من رسمه بالقلم الړصاص فوضعت القلم فى فمها ورفعت حاجبيها قائلة
طبعا الأصل احلى بس انت اجمل حاجة رسمتها فى حياتى
ابتسمت وهي تضع يدها على ثغرها لقد أصبحت تستخدم العربية في التفكير وتلاشى دور اللغة الفرنسية التي لم تتحدث غيرها لسنوات تماما أمسكت الصورة واخذت تتأملها وهى تجوب الغرفة بلاهدف
لحظات وخطرت على بالها فكرة لم تأخذ سوى لحظات أقل لتضعها قيد التنفيذ قامت بتصوير الرسم وأرسلته الى رقمه الذى تحتفظ به منذ ان اعطته لها ايلينا وهى فى المطار تعلم انه لا يمتلك رقمها فهل سيكتشف انها من فعلت هذا هل تراه يشعر بهذا الاضطراب الذى تشعر به
رن جرس هاتفه يعلن عن وصول رسالة عبر الواتس اب ففتحها ليجد صورة مرسومة له بالقلم الړصاص فى غاية الدقة والاتقان خطتها انامل بارعة ومحترفة قطب حاجبيه فى تفكير من فعل هذا لحظات مرت قبل ان يبتسم وهو يفرك جبينه تراها هى حوريته الجميلة التى لاتفارق باله والتى افقدته توازنه وجعلت قلبه ينبض كمراهق دون ادنى ارادة منه هل قضت الليلة بأكملها تخط ملامحه هل يشغل نفس الحيز الذى تشغله فى حياته هل يشاركه قلبها تلك النبضات الغريبة التى يشعر بها للمرة الاولى لا يعرف لماذا اصبح شعوره يقينا وهو يعطيها رده بتغيير صورة ملفه الشخصي الى تلك الرسمة الدقيقة التى أرسلتها واستوعبت هي هذا الرد منه ولم تصدقه ولكن تراه فهم ما تعنيه
أو بالأحرى هل تفهم هي ماذا تعني من خلف ما فعلته الأمر قد تعدى كثيرا مجرد انجذاب لقد وصل بها الى تنحية فكرة سفرها تماما فوجودها في مصر لم يعد مقتصرا على مرض محمود فقط كما تدعي
تنهد يوسف وهو يتهالك على مقعده متمتما فى حزن لاحول ولا قوة الا بالله
تلقى الخبر من أبيه منذ لحظات عبر الهاتف أخبره بصوت متهدج يحاول أن يسيطر على نبرته بأن رفيق العمر انتقل الى جوار ربه ماټ الرجل قبل أن يستمتع بدفء وطنه ويعوض حرمان الغربة ماټ بعد
أن اطمئن الجميع الى استقرار حالته وهجرته الامه ماټ قبل موعد جراحته بيوم واحد فلله في خلقه شئون
وكل اليه والده مهمة ابلاغ ايلينا بالأمر بقي على وضعه هكذا لدقائق ينظر الى الباب في شرود ينبش به عقله عن أي طريقة تحمل الخبر دون أن يصدمها به مرر يده على وجهه في ألم فكل الطرق ستؤدى الى حقيقة واحدة
لقد رحل والدها الذى لمس بنفسه كم تحبه وتحترمه وتعده صديقا وليس مجرد اب كيف ستسقبل خبر مۏته بعدما عاشت في أمل نجاته طيلة الأيام الماضية مجرد تخيل الحزن على وجهها يفزعه ماذا عساه ان يفعل
نهض من كرسيه اخيرا واتجه للباب الذى يفصل بينهما ليفتحه فى بطء لم تنتبه له وقد انهمكت فى العمل فبعد ان اطمأنت على صحة ابيها عادت لتنجز بعض الاعمال الهامة التى كانت تحت مسئوليتها رغم انه اعفاها من ذلك ظل واقفا للحظات وهو يبحث مجددا عن أكثر الكلمات رقة لينقل لها به الخبر
شعرت برائحة عطره كالعادة فرفعت اليه
متابعة القراءة